قبل أن نتورط في الحديث عن خطة مايكروسوفت التي تخص ما بعد صفقة الانقضاض على نوكيا ، لا بد لنا و أن نتأمل في واقع قطاع الهواتف الذكية لننطلق منه الى اكتشاف خطة العملاق الأمريكي.
و يقول الواقع أن هواتف الأندرويد و الأيفون هما المسيطران على السوق و يتمتعان بحشود من المستخدمين و المحبين لم يرى لهما التاريخ مثيلا ، و في ظل قيادة سامسونج لهواتف الأندرويد تتحكم أبل في الأيفون و تتوجه نحو المستويات الجديدة مع تلبية تطلعات جماهيرها و هو ما تفعله أيضا سامسونج .
و من المعروف أيضا أن مايكروسوفت حاولت على مدار السنوات الماضية التحكم في هذا القطاع بشكل أكبر عبر تطوير منصتها الصاعدة الويندوز فون و عقد شراكة كاملة مع نوكيا بعدما تخلت هذه الأخيرة عن منصتها سيمبيان ، لكن خلال الشهور الماضية و الى الأن شهدت هواتف الويندوز فون خصوصا تلك التي تنتمي الى عائلة لوميا نموا نوعيا من حيث الانتشار و الشعبية لكنها ظلت مقارنة بالأرقام التي يحققها الأندرويد و ios ضئيلة جدا و لا تقارن أبدا و وفق النمو الحالي للويندوز فون فإنه سيحتاج الى عقد من الزمن تقريبا ليكون منافسا متوازنا مع منصتي أبل و جوجل. و هذا ما لا تتقبله هذه السوق المتغيرة و السريعة و التي لن تنتظر 10 سنوات تقريبا ليصبح الويندوز فون الأفضل.
و بالفعل هذا ما أدركته مايكروسوفت ، و تعلمت معه درسا قاسيا إنه ولاء المستخدمين للماركات التجارية الأفضل حاليا و لأنظمة التشغيل المتحكمة و استحالة التخلي عنها في ظل غياب بديل قوي ، نعم لا بد و أن يكون الويندوز فون ممتازا من حيث الأداء و يقدم الامكانيات التي لا يستطيع المنافسين تقديمها و التي تثير شهية العالم حينها التخلي وارد و الصعود ممكن ، و هنا لب المقال و كينونة الخطة التي رسمتها مايكروسوفت على أوراق توصلت إليها بطرقي الخاصة !
الخطة المرسومة و كنز قلب الطاولة على المنافسين :
بعد أن إستحوذت مايكروسوفت على نوكيا ، و قد سبقتها من قبل صفقة شراء خدمة سكايب أصبحت الشركة الأمريكية تملك في يديها عناصر القوة التي يمكن أن تستثمرها لتلحق الهزيمة بأبل و جوجل و حلفائهما في قطاع الهواتف الذكية.
و أقصد أن إشارة نائب الرئيس التنفيذي السابق في شركة سكايب روس شو بعد الاستحواذ على نوكيا و التي أطلقها في مقابلة صحفية مع صحيفة الغارديان البريطانية هي التي تؤكد ما سبق ، حيث أكد أن صفقة شراء سكايب و نوكيا هي الأساس في خطة مرسومة من البداية تسعى مايكروسوفت الى تحقيقها و يبدوا أنها الأن جهزت لأساسيتها بتلك الصفقات على أمل أن نرى هواتف من مايكروسوفت قوية و رائعة و لها مميزات جيدة.
و يعني ذلك إذن أن هذه الخطة تقتضي من مايكروسوفت إنتاج هواتف ذكية بناء على خبرات نوكيا في التصميم و الانتاج و وفق براءات اختراع انتقلت مع انتقال الشركة الفلندية الى حضنها دون أن ننسى أن يلعب سكايب دور خدمة المحادثة المجانية المتكاملة مع هواتف الويندوز فون باستخدام الشبكات الحديثة من الجيل الرابع وبعروض مجانية ، لتمنح للمستخدمين الاتصال بأصدقائهم و عائلاتهم و معارفهم سواء صوتيا أو مرئيا مجانا دون دفع سنتيم واحد مع عدم استبعاد اتاحة ذلك على شبكات الجيل الثالت.
و من المعروف أن شركات الاتصالات المتنقلة تحقق أغلبية أرباحها من المكالمات الهاتفية ، و لم تلجأ بعد الى جعلها مجانية نظرا لكون ذلك سيحرمها من أغلبية أرباحها و بالتالي سقوطها في مستنقع الأزمات ، و هذا ما تهذف إليه مايكروسوفت من خلال خطتها التي ستطبقها و التي ستجعل شركات الاتصالات في وضع لا تحسد عليه ليكون سكايب على هواتف الويندوز فون فقط البديل الشرعي و المجاني لها بعيدا عن بطاقات الشحن و تكاليف الدقيقة و الساعة.
من جهة أخرى ستبقى هواتف الأندرويد و الأيفون و بقية المنصات الأخرى غير متوفرة على الكنز الذي سيغير حثما من موازين القوة ، و يجعل مايكروسوفت التي تملكه تقلب الطاولة عليهما لتتركهم جثثا هامدة لا أحد يكثرت لها من المستخدمين الذين سيصطفون في طوابير أمام المتاجر و المحلات التي ستوفر تلك الأجهزة ليكتب التاريخ نهاية أسطورة الأندرويد و الأيفون و التغيير المصيري لقطاع الاتصالات على يد العملاق الأمريكي مايكروسوفت المتحمسة الأن لفعل ذلك في ظل أزمات تحاصرها في هذا القطاع الذي كلفها الكثير و سيكلفها المزيد لتنفذ خطتها الجنونية.
خلاصة :
إذن بعد أن نجحت مايكروسوفت في خطف نوكيا مؤخرا و سكايب من قبل ، فعلى جوجل و أبل و شركات صناعة الهواتف الذكية أن تأسف جدا لحدوث ذلك ، لأن ما تخطط له الشركة الأمريكية قد ينهي شركات كثيرة و يضعها في وضع الأزمة ، و اذا لم تتحرك الشركات الكبرى للحد من طموحات مايكروسوفت فعليها أن تنتظر نهاية قاسية لأغلبية الشركات المنافسة الا تلك التي ستقرر أن تكون لها تابعة و خاضعة بإنتاج هواتف الويندوز فون.
و اذا كان العالم قد أقر بأن الصفقة مهمة جدا و أن قيام مايكروسوفت بها كانت مفاجأة عظيمة ، و أن الأهذاف منها هي التي إستعرضتها وجهات نظر مختلف الكتاب و المتخصصين بشتى وسائل الاعلام ، فإنني أراها قضية أعمق مما تتصوره الأغلبية التي عالجت السطح و تركت لنا العمق الأكثر تعبيرا عن الصدمة القادمة !
0 commentaires:
Enregistrer un commentaire