قصة قيس و ليلى


كانت أياما جملة تمر في ذاكرة قيس بن الملوح , تلك الأيام الخوالي التي كان يرعى فيها أغنام والده مع ابنة عمه الحبيبة ليلى العامرية , كانت كما تكون براءة الأطفال أيام لعب و ضحك و مسامرة و كلام جميل و مع نموهما نما الحب في قلبيهما لكن الفتى يظهره و الفتاة تخفيه إلا فيما ندر مما ذكرت من شعر في حبها له .


كانت أيام قيس و كلامه كله غزل بليلاه فانتشر و عرف الحب العذري بينهما و كم يود كل منهما الزواج بالأخر و الاجتماع به . بدأ قيس يجمع المهر لغاليته فجمع لها 50 من النو ق الحمر و هي أغلى نوق عند العرب و كانت تسمى حمر النعم . و تقدم إلى باب عمه ليطلب يدها لكن الفاجعة التي اجتاحته أنه لم ينل يدها ذلك أن أهل البادية لا يزوجون شابين ذاع بينهما الحب و إن كان عذريا فهم يعتبرون هذا الأمر عارا و فضيحة و لكن نالها ورد بن محمد العقيلي لقد سلب منه حبه الوحيد و أمنية حياته المرجوة و تحطم قلبه كما يتحطم الزجاج و تناثرة أشلاؤه شعرا ينوح على ليلى .


انتقلت ليلى مع زوجها إلى الطائف و هام قيس على وجهه في الأرض لا يعلم له مسكن ، فشهرا يكون في الشام و آخر يكون البادية و يتنقل في أرضالله ينشد ليلى و يغني أيامها و يرجو لقاءها فما عادت تطل عليه بسمتها و ما عاد يسمع ضحكتها و ما يلوح في أفق يراه ثوبها و ما مسها في حياته كله و بقيت حلما و شهوة تسري في عروقه إلى أن مات بها حيث وجد ملقيا بين الحصى في الصحراء و عند رأسه بيتان من الشعر:



توسد أحجار المهامة و القفر *** و مات جريح القلب مندمل الصدر

فيا ليت هذا الحب يعشق مرة *** فيعلم ما يلقى المحب من الهجر

و مما يذكر من قصص حبه لها وولهه بها


وحكي أن قيس قد ذهب إلى ورد زوج ليلى في يوم شاتٍ شديد البرودة وكان جالسًا مع كبار قومه حيث أوقدوا النار للتدفئة، فأنشده قيس قائلاً :

بربّك هل ضممت إليك ليلي *** قبيل الصبح أو قبلت فاها

وهل رفّت عليك قرون ليلي *** رفيف القحوانه في نداه

كأن قرنفلاً وسحيقَ مِسك *** وصوب الغانيات قد شملن فاها

فقال له ورد : أما إذ حلّفتني فنعم.

فقبض المجنون بكلتا يديه علي النار ولم يتركها حتي سقط مغشيا عليه


0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Fourni par Blogger.